الواحة



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

الواحة

الواحة

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
الواحة

الواحة للثقافة والتراث الليبي


    ليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)!

    الباشق
    الباشق
    عضو ذهبي


    عدد الرسائل : 163
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 116
    تاريخ التسجيل : 10/03/2009

    ليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)! Empty ليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)!

    مُساهمة من طرف الباشق الإثنين مارس 30, 2009 6:31 pm


    اليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)!

    ليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)! 022009%5C25022009%5CTHUMB14635
    أهلاً وسهلاً بك في صنعاء. . . تحية ينبض بها كل حجر من أحجار المعمار المختلف حقاً والمدهش فعلاً في هذه المدينة، والتي لها من الجمال ما عجزت عن تصويره الروايات والأساطير. . .

    أهلاً وسهلاً بك في (باب اليمن)، حيث يمكنك أن تشاهد اليمن كله من ثقب باب هذه المدينة. . . باب اليمن هو ما تبقى من الأبواب الأربعة الرئيسة لمدينة صنعاء القديمة، كما أنه أول ما يستقبلك من صنعاء بتحية مفعمة بابتسامة تترجمها إلى كل لغات الدنيا تلك السيمفونية الجمالية التي ينتظم في إيقاعها موقعه وتصميمه ومعماره . . . ولعل باب اليمن من خلال هذه الجمالية المدهشة كان جديراً بتصدر قائمة المعالم السياحية للمدينة، حتى صار أبرز معلم تحرص حكومة اليمن على تقديم المدينة والبلد من خلاله للعالم.

    قديماً كانت جميع القوافل الاَتية من كل مناطق اليمن تدخل صنعاء من هذا الباب، وحديثاً يلتقي عند عتبة هذا الباب أهم شارعين في صنعاء، وهما الشارعان اللذان يمثلان منتهى طريقين يمران بأكثر وأهم مدن اليمن. . . على عتبة هذا الباب ستكون على موعد مع دهشة أكثر اختلافاً. . . فاليمن الذي يمر من هنا عبر هذين الشارعين له حضور مختلف يبقيه جزءاً من منظومة المكان، فساحة الباب صارت سوقاً يستوعب ثقافة اليمن بمنتجاته وأزيائه ولهجاته، وغير ذلك مما يعكسه رواد هذا السوق من المارة والباعة. . فاليمن تجمع في ساحة هذا الباب لا لشيء إلا لتحيتك! .

    ملتقى الفرائد بعد أن تتجاوز عتبة الباب لتقف أمام منازل المدينة ستجد أيضاً أن المدينة قد تجمعت كلها هنا على بعد بضعة أمتار من عتبة الباب، وهو ما سيجعل دخول المدينة من هذا المنفذ بالتأكيد مختلفاً; فالمدينة كلها هنا تستقبل زوارها; لذا ستشعر من مفتتح الزيارة بمتعة ودهشة هذه الحكاية، وحكاية هذهليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)! 022009%5C25022009%5CTHUMB14646
    المدينة ستفتح شهيتك للقراءة، خاصة عندما يكون عنوانها هو هذا الباب، الباب الذي ربما تلتقي فيه فرائدها . . . صنعاء التي جاء اسمها حسب بعض الروايات، من الحصانة وجودة الصنعة، قد أكدت ذلك بجلاء في عظمة وحصانة سورها وجودة حرف أسواقها، وهي العظمة والجودة التي عبرت عن نفسها بقوة في فنون المعمار ونظم الحياة، وهي الفنون التي تتجلى كثيراً في نسيج منظومة سور المدينة وأبوابها، ولعل كل ذلك قد التقى في أهم أبوابها، وهو منفذها من الجهة الجنوبية (باب اليمن).

    لاتزال أسباب تسمية هذا الباب بهذا الاسم محل اختلاف الروايات التي تتحدث عن عديد تسميات ارتبطت بهذا الباب عبر تاريخه، الذي يعود إلى أكثر من ألف عام. . . وكان من تسمياته: باب عدن، باب غمدان. . . وغيرهما، وكان اَخر هذه التسميات في ستينيات القرن الماضي، حيث أطلق عليه رسمياً (باب الحرية)، لكن كل هذه التسميات تلاشت وبقيت تسميته الأصلية (باب اليمن).

    أساطير الباب كان للمدينة سور يبلغ طوله 6200 متر وارتفاعه 8 أمتار، وهو سور لايزال جزء منه قائماً وشاهداً حياً على عراقة وحصانة المدينة. . . وهو سور (مبني من الطين المعالج بطرائق تقليدية معروفة في اليمن تجعله مقاوماً لمياه الأمطار وتحفظه قائماً لمئات السنين). وحسب مصادر عديدة فقد تهدم هذا السور، وأعيد تأهيله في مراحل تاريخية مختلفة.

    في السور القديم كان للمدينة أربعة أبواب: (باب اليمن) في الجهة الجنوبية، و(باب شعوب) في الجهة الشمالية، و( باب ستران) في الجهة الشرقية، و( باب السبح) في الجهة الغربية. إضافة إلى بوابات وجدت لاحقاً مثل: باب خزيمة، وباب الشقاديف، وباب البلقة، وباب الروم. . . إلخ، وهذه الأبواب الثانوية ارتبطت بالأحياء التي استحدثت خارج السور القديم، وذلك في النصف الأول ليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)! 022009%5C25022009%5CTHUMB14657
    من القرن العشرين .

    جميع أبواب صنعاء القديمة بما فيها (باب اليمن) كانت حتى مطلع ستينيات القرن العشرين تنغلق على أهل المدينة بعد غروب شمس كل يوم ولا تفتح لأحد قبل مطلع شمس اليوم التالي. وكان لنظام الإغلاق والفتح لأبواب المدينة مراسيم. . (إذ تقوم جماعة من الحرس عند كل باب يرافقهم صاحب (البوق) المكلف بإعطاء الإشارات الصوتية، ترافقها ضربات الطبول، وينطلق صوت البوق والطبول مجتمعة حسب التوقيتات المقررة لغلق الباب أو فتحه، معلنين لأهل المدينة بأن وقت النوم قد حان). . لقد كان لكل باب من هذه الأبواب ما يميزه، وكان ما يميز كثيراً (باب اليمن) عن بقية الأبواب، وفق بعض الروايات، أنه كان مخصصاً لدخول الأجانب . . . قالت الطبيبة الفرنسية كلودي فايان، وهي التي عملت في اليمن في النصف الأول من القرن الماضي، إن السبب في تسمية هذا الباب(باب اليمن) ملتبس بالخرافة ويعود إلى تخصيص الباب لدخول الأجانب . . وأوضحت في كتابها (كنت طبيبة في اليمن): (إن أسوار المدينة كانت ترتفع إلى عشرة أمتار وتعلوها طريق دائرية. أسوار من الطين كثيفة وعالية تزينها أبراج تحيط بالمدينة من كل جانب، أبواب تقفل في الليل. والباب الرئيس هو باب اليمن والذي يجب أن يدخل منه الأجانب (. . . ) فتلك قاعدة متبعة بدقة تفسرها خرافة قديمة. . فقد كان في عقد الباب طلسم، أو حجاب للحماية، فإذا اجتازه العدو أو ثعبان خر لتوه صعقاً).

    التاريخ المعماري في الوقت الراهن لم يبق من أبواب صنعاء سوى (باب اليمن). . إضافة إلى بقايا باب في الجهة الشرقية يطلق عليه حالياً (باب القصر ) ولعله كان (باب ستران).

    يجسد (باب اليمن) في هيئته ومعماره صورة رائعة تستوعب أبرز خصائص المعمار الصنعائي الذي يعتمد على أحجار البازلت السود والطوب المحروق، وليمن. . .من ثقب (باب صنعاء)! 022009%5C25022009%5CTHUMB14662
    غيرها من المواد التي يعتمد عليها نظام البناء والتنظيم والتزيين في هذه المدينة. حسب عدد من الروايات التاريخية فقد ارتبط ظهور هذا الباب بتاريخ بناء سور المدينة، وهو التاريخ الذي اختلفت الروايات في تحديده، لكن عدداً من المراجع رجح قولاً للمؤرخ اليمني أبومحمد الحسن الهمداني (893- 947 م) في مؤلفه (الإكليل) نسب فيه إلى (شعر أوتر) إحاطة صنعاء بحائط هو سور صنعاء. وهو نفس ما أكده الرازي في كتاب (تاريخ مدينة صنعاء). وشعر أوتر (أو شعران أوتر كما يسميه الرازي) هو ملك سبأ وذي ريدان الذي حكم بقاعاً كبيرة من اليمن أواخر القرن الثاني بعد الميلاد. . حسبما ورد في إحدى الدراسات المنشورة. والثابت في جميع الروايات أن السور تعرض للخراب والدمار عدة مرات وكان في كل مرة يعاد بناؤه وتنظيمه وتحسينه، كما شهدت أبوابه أيضاً إعادة بناء وتأهيل وتحسين في مراحل تاريخية مختلفة. وبخصوص إعادة بناء (باب اليمن) بما هو عليه اليوم، فقد كان في العام 1898م، أي قبل مئة وعشر سنوات . . . وحسب دراسة نشرتها مجلة (الإكليل) اليمنية الفصلية في عدديها (31-32) في العام 2007م بعنوان (عوامل مقاومة أهل اليمن للحكم العثماني); فإن الوالي العثماني أحمد فيضي باشا كان قد (أعاد بناء باب اليمن سنة 1316ه (1898م) على ما هو عليه اليوم، بعد أن كان ملتوياً لا يرى من الخارج حتى لا يكون هدفاً لقذائف المدافع حينما تتعرض صنعاء لهجوم من يريد بها شراً).

    يتألف الباب من مصراعين خشبيين ضخمين يتعانقان في حضن منظومة حجرية تشكل منها إطار الباب وعقده وواجهات معماره التي يبرز فيها على جانبي الباب برجان تتوج هامتهما زخارف منظومة بحرفية وفنية عالية لاتزال منذ قديم التاريخ تتوهج مبتسمة لتحيتك. . . فاليمن يلوح بيديه مرحباً بك. . . هكذا يبدو من ثقب باب صنعاء .


      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 17, 2024 5:56 am